مشكلة الانسجام بين اللاعبين
يواجه المنتخب المغربي في بعض البطولات، وخصوصًا خلال مشاركته في كأس العرب، صعوبة واضحة في خلق تناغم حقيقي بين لاعبيه. هذا الافتقار للانسجام لا يظهر فقط في اللحظات الحاسمة، بل ينعكس على أداء الفريق بالكامل، من الدفاع وصولًا إلى الهجوم. فعندما لا يتحرك اللاعبون ككتلة واحدة أو لا يتوقع أحدهم ما يفكر فيه الآخر، تصبح الهجمات بطيئة والدفاع مكشوفًا.
في إحدى مباريات كأس العرب، بدا ذلك جليًا عند خط الهجوم؛ ثلاثي المغرب لم ينجح في بناء أي رابط فعلي بينهم خلال المباراة. كانت التحركات منفصلة، والتمريرات بلا معنى، والنتيجة ضياع فرص كان يمكن أن تغيّر مجريات اللقاء. مجرد تواصل أفضل كان كفيلًا بجعل الوضع مختلفًا، لكن غيابه جعل المنتخب يخسر الكثير من اللحظات المهمة داخل منطقة الجزاء.
تداخل أساليب اللعب بين اللاعبين يزيد من تعقيد المشكلة. فالبعض يفضّل البناء بهدوء، وآخرون يعتمدون على السرعة والمباشرة، ومع اختلاف الإيقاع وسط المباراة تتشتت الأفكار وتضيع الهجمات. هذا الأمر ظهر بوضوح في البطولة عندما عانى الفريق من ضعف إنهاء الهجمات، رغم وصوله المتكرر إلى مناطق خطرة.
إذا استمر هذا الارتباك، فقد تتكرر نفس المشاكل في البطولات المقبلة. لذلك، من الضروري العمل على تنسيق أكبر بين اللاعبين، واختيار توليفات تستطيع التفاهم داخل الملعب قبل التفكير في النتائج.

الإصابات واللياقة البدنية
الإصابات كانت من بين أكثر العوامل التي أربكت المنتخب المغربي في كأس العرب. بعض اللاعبين الأساسيين، خصوصًا من يشكّلون النواة الهجومية، دخلوا البطولة وهم يعانون من مشاكل بدنية واضحة. إصابة أحد أهم اللاعبين قبل انطلاق المنافسات أخرجته من أجواء التحضير، فعاد للمباريات بشكل بعيد عن لياقته المعتادة، مما أثّر بشكل ملحوظ على أدائه وأداء الفريق بأكمله.
ومع مرور الجولات، بدأت الإصابات تتزايد بشكل أربك المدرب وأجبره على تغييرات متكررة في التشكيلة. هذا التعديل المستمر لم يسمح ببناء استقرار داخل أرض الملعب، خاصة مع الإرهاق الذي أصاب بعض اللاعبين بسبب نسق المباريات القريب من بعضه. ومع كل غياب أو إجهاد جديد، كانت موجة الضغط ترتفع على بقية العناصر.
لمواجهة هذه المشكلة مستقبلًا، يحتاج المنتخب إلى برنامج بدني أكثر صرامة وتنظيمًا، مع اعتماد أساليب تمنع الإجهاد المتكرر. التغذية السليمة والراحة الكافية والمتابعة الطبية الدقيقة ليست مجرد تفاصيل صغيرة، بل أساس يؤثر مباشرة على مردود الفريق في كل بطولة.
استراتيجية المدرب وعدم التكيف مع المنافسين
خطة المدرب لعبت دورًا مهمًا في كل ما واجهه المنتخب المغربي خلال مشاركته في كأس العرب. ورغم أن الفكرة الأساسية للخطة كانت تعتمد على دعم “ثلاثي المغرب”، فإن نقطة الضعف كانت في عدم القدرة على تعديل النهج حسب خصوم مختلفين. في مباريات أمام فرق تلعب بسرعة عالية، أو فرق تفضل التكتل الدفاعي، ظهر المنتخب بلا حلول حقيقية.
في إحدى المباريات، اختار المدرب نهجًا هجوميًا مبالغًا فيه، ما ترك الدفاع مكشوفًا أمام خصم يجيد استغلال المساحات. الهدف المبكر الذي تلقاه الفريق كان نتيجة مباشرة لهذا الاندفاع غير المحسوب. المشكلة لم تكن في الفكرة الهجومية نفسها، بل في غياب المرونة لتغيير الخطة عند الحاجة.
الأمر ازداد تعقيدًا بسبب ضعف التواصل بين المدرب واللاعبين أثناء المباريات. لم تكن هناك توجيهات واضحة تساعد على تصحيح الأخطاء في وقتها، ما جعل الارتباك يظهر على اللاعبين، وفقد الفريق توازنه بين الدفاع والهجوم. هذا الوضع يوضح أن المنتخب بحاجة إلى قراءة أعمق للمنافسين وقدرة أكبر على تغيير الشكل التكتيكي أثناء اللعب.
تأثير الضغط النفسي على الأداء

الضغط النفسي كان حاضرًا بقوة في البطولة، خاصة على اللاعبين الثلاثة الذين عُلّقت عليهم آمال كبيرة. الجمهور يتطلع للنتائج، والإعلام لا يتسامح مع الأخطاء، والذاكرة الجماعية تحمل تعثرات سابقة—كل هذا يضع اللاعبين في دائرة من القلق تؤثر على قراراتهم داخل الملعب.
عندما يدخل اللاعب مباراة وهو يفكر في ردّة فعل الجمهور أكثر من تركيزه على التمريرة التالية، فمن الطبيعي أن تتراجع دقته وتركيزه. بعض اللاعبين ظهر عليهم التوتر بشكل واضح، خصوصًا في لحظات الحسم، سواء في التمرير أو التسديد، مما جعل الأداء أقل من المتوقع.
التعامل مع هذا الضغط يحتاج إلى دعم نفسي حقيقي، سواء من الجهاز الفني أو من المتخصصين. تدريب اللاعبين على التحكم في التوتر، وإعطاؤهم مساحة للتعبير عن مخاوفهم، يمكن أن يغير الكثير. فعندما يشعر اللاعب بثقة أكبر، يصبح أداؤه أكثر ثباتًا، وينعكس ذلك على المنتخب بأكمله.
عدم الاهتمام بهذا الجانب قد يجعل أي تطوير فني أو بدني بلا قيمة، لأن اللاعب المثقل بالضغط لن يقدم أفضل ما لديه مهما كانت الخطة محكمة.